القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة واقعية قصة لأحد المعذبين في الأرض خلف الصبر أشياء أجمل

 قصة لأحد المعذبين في الأرض خلف الصبر أشياء أجمل  



 

أسمي ( جميل ) كنتُ في الثالثة عشر منْ عمري عندما توفيت والدتي بعد أنْ أنجبت أختي الصغيرة  ، التي كانت تقول لي دائما: خلف الصبر أشياء أجمل  ، ووالدي اصيب بشدة في الحرب التي مضى عليها ثلاث سنوات بعد أن تعرض إلى قذيفةٍ وأصبح مقعدٍ لا حول لهُ ولا قوة  ، واصبحت أنا المعيل الوحيد لهذهِ العائلة 



كنتُ أحمل أختي الصغيرة ذات السنتين على ظهري وأخرج حيث مكبات النفايات لأجمع منها بعض العلب المعدنية والبلاستيك  ذات الحالة الجيدة وأذهب بها لأحدى معامل أعادة التدوير والتصنيع مقابل مبلغ زهيد من المال  ..
بينما أنا على هذهِ الحال أبحث هنا وهناك عنْ ما أستطيع بيعهِ منْ تلك القطع  ، أوقفني مجموعة منْ الشباب الغير واعيين لأنفسهم وقال احدهم : أيها الطفل القذر ! أبتعد منْ هنا
 وسار باتجاهي كانتْ ملامح الغضب تبدو واضحةٍ جداً في وجههِ ،ِ قام بسرعةٍ بتوجيهِ ضربةٍ قويةٍ جداً بقدمهِ نحو بطني وقذفني بعيداً  ، كنت سأسقط على ظهري ولكنني تمكنت بصعوبةٍ بالغةٍ من تغيير سقوطي لأسقط على بطني  ،  الدماء بدأتْ تسيل منْ فمي من قوة الضربة  ، لم أعد استطيع التحرك  ، جسدي صار ثقيلاً جداً وأختي حرارتها ترتفع أشعر بها تكاد تحرق ظهري لشدتها  ، العلب التي جمعتها قد تبعثرت بالأرجاء بسبب ما حدث ؛


يا الهي ساعدني ، لماذا لا أحد ينظر لنا نظرة رحمه وشفقة ؟!!
في خضم كل هذا بدأتْ الأمطار بالتساقط  ، علي أنْ أجمع بسرعةٍ تلك العلب وأبيعها لأحصل على ثمن الدواء  ، أمي ماذا أفعل ؟ أنا عاجزاً تماماً  ، أمي لقد صبرت فمتى ستأتي تلك الأشياء الجيدة !!

 بدأتُ أنهض بصعوبةٍ لأبحث عنْ مكان مناسب يقينا منْ الأمطار  ، دموعي امتزجت مع قطرات الأمطار المتساقطة على الأرض  ، وأنا ما عدتُ أعلم ما أفعل  بدأت أراقب فقط موت شقيقتي أمام ناظري .
وفي خضم تلك الكلمات وحالة الأسى والحزن التي خيمت علي توقفت بالقرب مني سيارة نزلت منها سيدة شابة حاملةٍ مظلة ووضعتها فوقي لتحميني وتحمي شقيقتي منْ الأمطار أمعنت النظر لأرى أنْ ثياب السيدة بدأت بالتبلل منْ مياه الأمطار .



أردتُ الابتعاد ولكنها أمسكتْ يدي  ، أجل أمسكتها رغم أنها يد طفل قذر  ، قضى كل وقتهِ بينْ النفايات ولكنها أمسكتني بيدها الدافئة وجذبتني إلى صدرها ( كل شيء سيكونْ على ما يرام ) قالت تلك الكلمات القليلة ولكنها كانتْ أكثر منْ كافية لتجعلني أرخي نفسي بينْ حضنها .

لماذا تساعدين شخص مثلي ؟  أنظري لنفسك ثيابك الجديدة والرائعة قد تبللت وأيضاً توسخت منْ ثيابي  ، ولكنها بادلتني بابتسامة رقيقةٍ جداً :(
 الثياب يمكنْ غسلها لتعود جديدة ولكنْ الضمير لا يمكنْ غسله أنْ تلوث  ، بعض الناس اختفى منْ قلبهم ما يسمى الإحساس ما عادوا يشعرون بتأنيب الضمير  ، لذا لا تلم نفسك ولا تحزنْ فأنْ أجمل ما في الإحزان أنها حتماً ستنتهي يوماً  من الايام .
 أمسكتْ السيدة يدي وساعدتني على النهوض وطلبتْ مني أنْ أسمح لها بأنْ تأخذ شقيقتي للطبيب لأنْ حالتها تبدو سيئةٍ جداً  ، لم أملك سبباً واحداً للرفض فأنا أريد علاج أختي  ، وبالفعل دونْ أي لحظةِ تردد وافقت على طلبها بل رجوتها أنْ تسرع بذلك وهي الأخرى لم تتردد ولو لحظة بل حملتْ أختي الصغيرة إلى سيارتها ثم انطلقت إلى أقرب مستشفى وتم إسعاف أختي فوراً .

بعد أيام انخفضت حرارة أختي والسعادة لم تفارقني لحظةٍ واحدةٍ وأنا أنظر لحالةِ شقيقتي الصغرى  ، تلك الغيوم انقشعت وذلك الصبر انتهى والأشياء الجميلة قد جاءت بالفعل !! أخيراً بعد انتظار طويل  ، تلك السيدة قررت تبنينا أنا وشقيقتي  ، بفضلها دخلت المدرسة وجلستُ في صفوفها  ، أمسكتُ كتبها .

 



أنا الآن في الخامسة والعشرين منْ عمري  ، والدي توفي بعد ثلاث سنوات منْ تلك الحادثة وأختي الصغرى تعيش معي في منزلي الذي ورثتهُ منْ تلك السيدة الطيبة  ، نعم لقد توفي شعاع النور الذي أضاء لي حياتي ولكنْ ضوءها لم ينطفئ وقد قررت السير على خطاها بالتكفل بالأطفال ورعاية الأيتام  ، أجل سأفعل ذلك فهذهِ كانتْ وصيتها الأخيرة لي بأنْ أساعد منْ أستطيع .



الحلم ليس صعب ان يتحقق أنْ وثقنا إننا قادرين على تحقيقهِ , الحياة ليستْ عادلة أنْ نظرنا لها منْ زاوية ضيقة جرب النظر لها منْ زاوية أخرى فلعلها قستْ علينا في البداية لننعم بها في النهاية  ، أجل خلف الصبر هنالك بالفعل أشياء أجمل ....
دمتم في حفظ الله ورعايته  ....

تعليقات

التنقل السريع