قصة واقعية كانَ خارجه ذهبا

كنتُ أحيا دوماً على مقولة بالحب تُعاش الحياة ، لا يهمني الشابُّ الذي سأرتبطُ به إن كانَ متوسط الحال أو فقيراً لا يملك إلا قوت يومه ، لحين أخذَ شاب كل تفكيري ، عندما انتقلنا للعمارة التي يقطن بها أهل أمي ، وذهبنا لزيارة جارةٍ تربطها بجدتي صداقة سنين ، وما إن طرقنا الباب حتى فتح شاب ودعانا للدخول بابتسامة بسيطة ، وهو ينظر إلينا بعيون حسبتُها لبرهة أنها تضيء نوراً ، ثمَّ همَّ بالخروج.
رأتني الجارة و قالت لي :
- ماهذا الجمال الأخّاذ؟! ، جعلكِ الله من نصيب ابني الأصغر، وسيم الذي خَرَج للتو.
كدتّ أذوب خجلاً كقالب ثلج ، لكن أمي أعادتني لرشدي قائلة:
-ابنتي ستكمل دراستها ، أي زواج وهي بعمر السابعة عشر.
ردَّت الجارة على الفور :
-ومافائدة الدراسة إنْ كانت نهايتها ببيت زوجها ، حالها كحال جميع فتيات الأرض .
غيَّرَت أمي الموضوع على الفور ، كي لا تُشَتت تركيزي عن دراستي ، لكن حينها فعلاً قد شُتِّتَ تركيزي ، وبتُّ أسترجع ملامح الوسامة وأنا أقول في قرارة نفسي:
-وسيم ، إنَّهُ اسمٌ على مُسمّى
فقد كان شاباً طويلاً أشقراً ذا عيونٍ بلون العسل ، لو أُتيحَت له الظروف كان يجب أن يعمل ممثلاً أو مطرباً أو عارضَ أزياء ، لكن الظروف التي مرَّ بها جعلَتْه يتنقل من عمل لآخر ،من بائعٍ متجوّلٍ ، لحارسِ عمارةٍ ، ثم سائق شاحنة محملة بالبضائع ، وسائقَ سيارة لتوزيع منتجات لشركات مختلفة .
مضَتْ أياماً رأيته بها بشكل يومي وأنا ذاهبة للمدرسة ، وكأنَّ الصدفة تركت العالم وقرَّرَت أن تجمعني به يومياً .
أوّل مرة ألقى التّحية عليَّ من بعيد ، وبعد ذلك قال لي :
-هل تسمحينَ لي بمرافقتكِ لأول شارع المدرسة ؟! .
بكل مرة كنتُ أومِئُ رأسي بالموافقة مع ابتسامة تشع خجلاً ، فيقضي الطريق يسألني تارة عن دروسي وتارة عن طعامي المفضل ، وتارة عن أغنياتي المفضلة ، ويجيبُ بنفس الوقت على أسئلته وكأني عاودْتُ سؤاله بها.
بدأتُ أشعر كأنه مغناطيس يجذبني ، أتأنق يومياً للقاءه ، لحين دخل أخي وشرار الغضب يتطاير من عينيه ، وهو يصيح قائلاً:
-أينَ أنتِ يا معدومة التربية يا ابنة المدارس ، إنْ لم يعرف أباكِ كيفَ يربيكِ فسأفعل أنا ذلك .
ردَّت أمي غاضبة :
-احترم ذكرى المرحوم أباك .
-ولماذا لاتقولي لابنتكِ بأن تحترم ذكرى أباها؟ ، فقد رأيتُ شاباً طويلاً أشقراً يلوّح لها بابتسامة وهي تلوّح له قُبَيلَ دخولها المدرسة ، ولأنَّ الميكروباص كان مزدحماً لم أستطع أن أنزل وأُبرِحهما ضرباً.
ساد الصمت دقائق وأنا بغرفتي أرتجف خوفاً من أخي ، وفجأة طرقت أمي الباب وقالت لي:
-أنا ذاهبة لأم وسيم وأخاكِ معي لكن تحسّباً لا تخرجي من غرفتك لحين عودتي.
مضت ساعتين أحرقتا أعصابي ، لحين عادت أمي وقالت :
-أم وسيم طلبت يدكِ لابنها ، وشرطهم الوحيد أن تتوقفي عن الدراسة ،أما إن رفضتِ ستستمرين بالدراسة ، وحينها سننتقل لمنزل آخر كي لا يراكِ مرة أخرى ، أما إن وافقتي فستأخذين الشهادة الثانوية بفترة الخطوبة وتتركي الدراسة بعدها .
صمتَتْ لبرهة ، وكادت أن تتمزّق جفوني من الصدمة ، ثمَّ تابَعَت:
معكِ يومان للتفكير لن تذهبي بهما إلى المدرسة . وخَرَجَت.
أعطيْتُ موافقتي في اليوم التالي ، فقد كنتُ مستعدة أن أتخلى عن دراستي ومستقبلي لأجله ، فلم أستطع أن أتخيل لحظة حياتي بدونه ، فكيف سأستطيع الانتقال لمنزل آخر وعدم رؤيته إلى الأبد !.
مدَحَت جدتي بأخلاقه الحسنة وأدبه كونها تعرف أمه منذ عشرين سنة عندما كان في الخامسة من عمره ، لكن أخي لم يكتفِ بكلامها فسأل عنه الناس بمكان عمله، والجيران ، والأقارب ، والكل أشادَ بأخلاقه الحميدة.
تمَّت الخطوبة بعد أن أنهيتُ الامتحانات الأخيرة بالصف الثاني الثانوي ، ثمَّ تبادلنا الأرقام كي نتعرّف على بعضنا أكثر.
مع أنَّ أخي حذَّرني واشترط عليه عدم رؤيتي إلا في منزلنا، لكننا كنا نلتقي بالسر وبشكل شبه يومي ، مما جعلني أتغيَّب عن المدرسة أكثر الأيام لكي أراه في الحدائق والمقاهي البعيدة عن منزلنا ونحن متشابكي الأيدي ، مما جعل مستوى تحصيلي العلمي يتراجع، ثم رَسَبْتُ بامتحانات الترم الأول فقال لي والبسمة تغمر وجهه:
-لاعليكِ عزيزتي ،أحضري كازاً وأحرقي كتبكِ فلا فائدة منها.
أخذتُ كلامه من باب المواساة ، وضاعَفْتُ مجهودي الدراسي لعلّي أتفادى التقصير الكبير الذي حصل ، مما جعلني أعتذر بلباقة عن الذهاب معه للتسكّع بأغلب الأيام ، فانفجر بوجهي قائلاً :
-هذا يعني أنَّ الدراسة عندكِ أهم مني ، لتعيدي التفكير بعلاقتنا ، فربما أنتِ لا تحبيني .
لم يعطني مجالاً للشرح له بأنَّ لا مجال للمقارنة ، وأنَّ الشهادة الثانوية سآخذها فقط لغدر الزمن، فقد حاولْتُ الاتصال به كثيراً ومراسلته على الواتس آب والماسنجر ، لكنه كان يقرأ رسائلي ولا يرد .
….يتبع
الجزء الثاني كان خارجه ذهبا:
وقَفْتُ كتمثال محنّط وانهالت دموعي بغزارة وصديقاتي ينظرْنَ بذهول ، وعندما صرخْتُ وسييم ، نظَرَ لي وانتَفَضَ من مكانه قائلاً حبيبتي ،ثمَّ تقدَّم بضع خطوات نحوي وهو يقول : دعيني أشرح لكِ ، لكني تراجَعْتُ إلى الوراء وأنا أصرخ: إياكَ أن تقترب ، فوقَفَت صديقاتي أمامه كحاجز ، وتصدَّرَتْهُنَّ أجرأَهُنَّ قائلة :
-إنْ حاولْتَ اللحاق بها ، ستكونَ اليوم "تريند " على مواقع التواصل الاجتماعي.
فهروَلْتُ للبيت ودموعي تنهمر كشلال .
حمَدْتُ الله أنَّ أمي وأخي لم يكونا في المنزل ، فرميتُ بنفسي على السرير ، وبكيتُ بحرقة لساعة كاملة وأنا أشهق بآهات مزَّقَت قلبي ، ثمَّ أخرَجْتُ هاتفي من حقيبتي فرأيتُ به خمسين مكالمة فائتة منه ، فأرسَلْتُ له على الواتس آب ، ودموعي لم تتوقف لحظة :
-لقد وصلنا لطريق النهاية وانتهت قصَّتنا قبل أن تبدأ ، فالذي جعلني أتخلى عن مستقبلي ودراستي لأجلك ، أنّك ذا أخلاق حميدة و لم يذمَّ أحد بك ، لكن من الواضح أنك لست نصيبي، فنصيبي منك فقط كانت الخيانة حتى قبل زواجنا ، اليوم أو الغد كأقصى حد ستأتيكم أمي بكل الأغراض التي أحضرتَها لي.
ثمَّ أكمَلْتُ البكاء ولم أستطع أن أُقْفِلَ هاتفي لعلّي أتراجع عن القرار الذي أخذتُه إن كتبَ شيئاً يُبَرِّدُ نار قهري ، وبعد بضعة دقائق أرسل :
إنها فتاة عرفتها قبلكِ ، ولقد قرَّرتُ مسبقاً أن أنهي علاقتي بها لأني لم أحبها لكن بالتدريج كي لا أجرحها كونها عشقَتني من صميم قلبها ، وعندما رأيتيني ممسكاً يدها كنتُ أُهَوِّنُ عليها قائلاً بأنها فتاةً تستحق أن تُحَبَّ من شاب أفضل مني ، وأنَّ اليوم آخر لقاء بيننا ، ولن أستطيع أن أستمرَّ أكثر معها ، عزيزتي أنا أحبكِ أنتِ ولو لم أكن أحبك كنتُ خطبتُها هي عوضاً عنكِ ، أرجوكِ عودي لرشدكِ وفكري بكلامي قبل أن تنهي علاقتنا .
تضارَبَتْ الأفكار برأسي ، فمن ناحية رأيتُ كلامه به شيء من المنطق ومن ناحية أخرى لم أتقبَّل فكرة أنه كان كل تلك المدة مع فتاة أخرى ومعي بوقت واحد ، وفجأة سألتُ نفسي سؤالاً : وما الذي يضمن لي أنّه صادق؟! جعلني ذلك السؤال أتراجع خطوات إلى الوراء ، وأنا أقول لنفسي :
هل ستثقينَ به بعد الزواج ؟! ، بالطبع لا ، فلن تتوقفي عن الشك به ومراقبته وربما مُلاحقته .
وفي خِضَمِّ أفكاري ، عادت أمي إلى المنزل ، وما إن دخَلَت حتى هرولْتُ إليها وأخبرتها بكل ما حصل ، وبالكلام الذي أرسَلْتُهُ له وأرسَلَهُ لي ، ومن فرط الحزن قلتُ لها بدون تفكير، وأنا أبكي :
-أمي ، لقد رسَبْتُ بالتّرم الأول بسبب أني كنتُ أتغيَّب عن المدرسة أغلب الأيام كي ألقاه خارجاً ، ونتحادث أكثر ونفهم بعضنا ، كوننا لا نستطيع أن نتكلم براحة أمام أخي ، لكن وبناءاً على كلامه فهو كان يلقانا نحن الاثنتين بوقت واحد .
فردَّت أمي:
-يا ابنتي ، بغضّ النظر عن الخطأ الذي ارتكَبتيه ، فبرأيي الشخصي هو شابٌ أخلاقه ليست سوية ، فمن يرضى أن يأخذَ فتاةً خلسة للحدائق والمقاهي وهي بلباس المدرسة غير مبالي بنظرات الناس لها ، لا عجبَ أن يقابل غيرها بنفس الوقت .
صمتَتْ لبرهة ثم تابَعَت :
-عزيزتي ، القرار بيدكِ وحدكِ إن شئتِ استمرَّيتِ معه أو انفصلتي عنه ، لكن ضعي برأسكِ أنَّ لا طلاق بعد الزواج ، حتى لو بَدَرت منه خيانات متتالية ، وأنا لن أعاتب أمه كونها ستقول نفس كلام ابنها وتبرر له ، فمن الواضح أنها ترغبكِ زوجة له حتى أكثر منه ، فقد قالت لي عندما ذهبتُ إليها باليوم الذي رآكِ أخاكِ به :
-لن يجد ابني فتاةً مثل ابنتكِ بتربيتها وأخلاق أمها وعائلتها ، غير أنها لا تزال صغيرة بالسن فسيربيّها على يديه ، قبل أن تدخل الجامعة وتتفتَّح عيونها على التفاهات ، كبنات هذه الأيام ، والأفضل من ذلك أنه أول شاب بحياتها فلم يسبق لها أنْ خُطِبَت من قبل.
ساد الصمت دقائق بيننا ، فعادت دموعي للتساقط فمسحت وجنتاي قائلة:
-ابنتي ، دموعكِ لن تنفعكِ شيئاً ، خذي وقتكِ بالتفكير ، ولن أُخبِرَ أخيكِ إلا أن قرَّرتي الانفصال عنه .
خرجَت من الغرفة وبدأ الصراع بين قلبي وعقلي .
.....يتبع
الجزء الأخير كان خارجه ذهبا
لم أستطع أن أفكرأو آخذ قراراً ، فقد أرسل لي أوّل ثلاثة أيام أشعاراً عن الحب ولوعة الفراق ، فازدادَت دموعي انهماراً ، وعندما لم أجبه بكلمة ، كتب لي :
كانا يعشقان بعضهما وافترقا ، وبعد سنوات التقيا ، وكل منهما يحمل طفلاً ، نادَيَا بعضهما فردَّ الطفلان نعم .
حينها اعتصرَ الألم قلبي ، ودخلتُ بنوبة بكاء هستيرية ، وبعد أن هدأت اتصلتُ بأقرب صديقاتي لقلبي ، ذاتها تلك التي وقفت بوجهه، لعلَّي اسمع منها كلاماً يوصلني للصواب ، فكان ردّها:
حبكِ له كان صادقاً وهذا يعني أنكِ لن تنسيه بسهولة، لكن كلامه يحتمل الوجهين ، فهو ربما صادق وربما كاذب، ولن يكشفه لكِ شيء سوى الأيام ، لكن إن كان كاذباً وتزوّجتما ستذوقي المرّ معه، خاصة إن كان من الرجال الذين يصاحبون على زوجاتهم من باب التسلية وتضييع الوقت ، حينها سينتهي حبكِ له وتعيشين معه ببؤس لا ينتهي ، وضعي ببالك يا صديقتي ، من يتحدَّث مع فتاة واحدة غير خطيبته التي لم يعش معها يوماً ، حتماً بعد زواجه منها ورؤيتها صباحاً ومساء سيملُّ منها ويعرفُ عليها امرأة تلو الأخرى بحجة أنَّ زوجته مملّة لا تُطاق ، وبذلكَ فهذا مخلوق لا يعرف أن يحب إلا نفسه.
مَضَت أياماً كان يجب أن أذاكر بها لأجل الامتحان ، لكني كنتُ أفكر بكلام صديقتي ، إلى أن هدَأَتْ روحي وقرَّرْتُ أن أدعَسَ على قلبي ، فبرغم عشقي له لم أحتمل فكرة أنه ربما يكون خائناً، فكيفَ إنْ كان بالفعل كذلك!.
أخبرتُ أمي بقراري النهائي ، وهي بدورها أخبَرَت أخي ، وأعطَت كل الأغراض التي أحضرها وسيم لأمه ، ثم اشترى أخي خطاً جديداً لي ، وأخذني مع أغراضي وكتبي لمنزل أهل أبي كي أغتنم الأيام القليلة المتبقيّة للمذاكرة .
حاولتُ جاهدة أن أنتزعه من رأسي ، ودرستُ ليلاً ونهار، وقدَّمتُ الامتحان وأنا لستُ ضامنة حتى معدّل النجاح .
طلب مني أخي أن أمضي إجازة الصيف عند أهل أبي، لضمان عدم مقابلة وسيم لي بالصدفة أو عمداً.
صَدَرَتْ نتيجة نجاحي بمعدل بالكاد أدخلني معهداً هندسياً، لكني بكيتُ فرحاً ، وبعد بضعة أيام أتَتْ أمي وقالت لي :
-وضّبي أغراضكِ لنعودَ إلى المنزل ، فوسيم قد خطب منذ بضعة أيام
لم تتساقط دمعة واحدة من عيني ، لكن شعرتُ أنَّ قلبي يتمزّق ، وروحي تصرخ من الألم .
عُدْتُ معها وأنا أدعو الله أن لا ألمحه صدفة ، كي لا أنهارَ باكية.
ما إن دخلتُ إلى المنزل حتى رأيتُ جدتي بانتظاري فقالت:
لقد خطب وسيم فتاةً بعمر الخامسة عشر ، أنهت التعليم الابتدائي ثم خرجت من المدرسة ، لا تحمل سوى هاتف صغير ينفع للمكالمات فقط ، ولم يسبق لها أن خُطِبَتْ من قبل ، غير ذلك فهي فتاةٌ من عائلة لا تسمح بخروج بناتها إلا مع أحد من أفرادها وهذا طلب أم وسيم ، فقد رأتها فتاة مناسبة أكثر منك .
كان كلامها جارحاً وكأنها أهانَتني ، وتمنيّتُ حينها لو أني صمّاء لا أسمع ، فقد شعرتُ حقاً بالخيانة والصدمة من سرعة ارتباطه .
آنذاك عرفتُ معنى جملة ما الحب إلا للحبيب الأول ، ومنذ ذلك الحين باتت دعواتي أن ينتزع الله حبه من فؤادي .مع أني تجَنَّبْتُ المشي بالشوارع التي كنا نسير بها، والدخول للأماكن التي جلسنا بها ، لكنْ مضت أشهراً لم أعرف بها معنى السعادة ، خاصة عندما ألمحه من بعيد ، وأغضُّ الطرف وأنا أمسح دمعتي التي تحرق وجنتي ، ولم أتوقف عن التخيّل دوماً بأن تحصل معجزة تعيدني إليه .
إلى أن أتى يوم زفافه ، وقامت أمه بدعوة جدتي وأمي وطلبَت منهما إحضاري ونسيان كل شيء ، كونَ الزواج كما يقولون قسمةٌ ونصيب، لكني لم أستطع حتى أن أتخيّله بجانب فتاة غيري ، ودخلتُ بنوبة بكاء هستيرية والندم يعتصر قلبي بسبب انفصالي عنه ، وتمنَّيْتُ لو أني صدَّقته واستمرَّيتُ معه، ومنذ ذلك الحين أصبح الندم والحزن لا يفارقانني
حمَدْتُ الله أنه انتقل مع زوجته لمنزل آخر بعد زفافهما بشهر واحد ، فوجَّهْتُ تركيزي للدراسة لعلها تخفف عني آلامي .
وبعد ثلاثة أشهر أتت جدتي ذات يوم وقالت لأمي :
-يجب أن نذهب ونبارك لأم وسيم ، فزوجة ابنها حامل بتوأم.
فتحطّم قلبي ، وأصبَحْتُ جثة تتحرك .
على الرغم من قدوم خطّابة كثر لرؤيتي غير زملاء الدراسة الذين حاولوا التقرب مني لكني كنت أرفض رفضاً قاطعاً ، فلم تراودني يوماً حتى فكرة كوني مع شاب غيره.
إلى أن تخرَّجْتُ من المعهد الهندسي، وعَمِلْتُ مساعدة لمهندس حديث التخرج ، وبعد بضعة أشهر شعرت وكأنه أصبح يهتم بي فجأة ، مما أشعرني بالضيق ، وقبل أن أترك العمل أخبرتُ صديقتي ، فقالت لي :
-يا ابنتي ، ألم تنسي الحب المُهتَرِئ الذي نسيكِ و يحيا حياته؟
-كيف عرفتي أنه نسيني ، ربما زواجه كان فقط محاولة منه لينساني، وماالذي يدريكِ لعله يعود لي يوماً ما .
-يا صديقتي البلهاء دعينا نلقي نظرة على حسابه الشخصي على الفيسوك .
-لا تحاولي نظرتُ مسبقاً ، فحسابه مقفول .
فقامت صديقتي بإنشاء حساب مستعار على الفيسبوك ، واستعانت بصديقة ثانية لنا ، وقامتا بمراسلته كل واحدة على حدا قائلة بأسلوب مختلف :
-أنا معجبة بوسامتكَ كثيراً ، مع أني لم أرَ سوى صورة ملفك الشخصي وأرجو منك قبول صداقتي ، والتعرف بك أكثر.
فردَّ قائلاً:
-أنا شاب أعزب ، تعرّضت للخذلان من خطيبتي التي تخلّت عني لأجل شاب آخر ومن حينها وأنا أخشى الارتباط ، لكني ما زلت أبحث عن الحب إلى الآن .
كان كلامه أكبر صدمة تعرضت لها بحياتي .
ثم قامت صديقتي بالبحث عن منشوراته فوجَدَته عضواً بمجموعات للتعارف بين الشباب والبنات منها ما نشرَ بها يبحث عن صديقة يشاركها همومه بعد خطوبته ، ومنها بعد زواجه ، ومنها بعد أن أصبح أباً.
حينها فقط عرفتُ أنَّ خارجه كان ذهباً ، وداخله حديداً صَدِئاً، وانتزعْتُه من قلبي مثلما تُنتَزَع الشعرة من العجين ،وأيقنتُ أنَّ القرار النابع من العقل لا يجب أن نندم عليه إطلاقاً .
وما إن طلب المهندس يدي للزواج ، حتى وافقتُ واستمرّيت بالعمل معه ، وعشنا حياة مليئة بالود والتفاهم والانسجام .
# انتهت القصة
قصة رائعة جدا ارجو قراءتها ولن تندم؟كان هناك رجل بسيط يرعى غنماً لأحد الأغنياء
تعليقات
إرسال تعليق