القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة كلُّ شيء زاد عن حدِّه ، انقلبَ ضِدَّه :

قصة  كلُّ شيء زاد عن حدِّه ، انقلبَ ضِدَّه 




  كان هناك امرأة لا تهوى شيئاً أكثر من الاعتناء بجمالها ، تواكب صيحات الموضة والماكياج وتسريحات الشعر ، عدا عن الاعتناء ببشرتها ، وكان ذلك على الرغم من المصاريف ، يُسْعِدُ زوجها كثيراً ، فكلما طلبت منه النقود كان يقول في قرارة نفسه: -وما أفضل من أن يكون لدى الرجل امرأة جميلة وأنيقة ، فلو لم تكن تحبني لم تعتني بنفسها . استمرَّ ذلك بضع سنوات 

 

بعد زواجهما، إلى أن تطوَّرَت مفاهيمها عن الجمال من صديقاتها وقريباتها ، لهوس عمليات التجميل . فقالت لزوجها ذات مرة : -أريد منك مئة ألف لأقوم بعملية تصغير لأنفي . نظر لها بدهشة عارمة: -وما حاجتكِ لذلك ؟!  -ألا ترى أنه بحجم حبة البطاطس.  -ومن قال لكِ ذلك ؟!  -عيناي . فقال لها مازحاً: -وأنا تعجبني حبة البطاطس التي تتوسَّط وجهكِ. انفج*رت باكية ثم قالت : -هذا دليل مؤكد منك أنَّ انفي مثير للاشمئزاز ، وأنا تعبتُ من تصغيره بالمكياج ، لماذا لا تعطني النقود ، لم أعهدك بهذا البخل قط . اعتصر الأ*لم قلبه ، ووافق بعد أن قال في قرارة نفسه: -ربما معها حق، وعملية تصغيرأنف لن تؤثرعلى شكلها، بل على العكس ستزيدها جمالاً ، وتُريحها من وضع مساحيق التجميل وكله لأجلي . بعد أن رأى أنَّ جمالها قد ازداد ، ونفسيَّتها قد تحسَّنَت بضعة أشهر بشكل كبير، لدرجة أنها أصبحت كطفلة وديعة بحركاتها ودلعها عليه ، فشعر حينها أنَّ قراره كان صائباً ، لكن عندما طلبت منه نقوداً لعملية تجميل أخرى ، بدأ الضيق يتسرَّب لقلبه ، وبدأت أفكار تراوده لم يخطر بباله أنه سيفكر بها يوماً ما . ….يتبع 

 

 


الجزء الثاني  كلُّ شيء زاد عن حدِّه، انقلبَ ضِدّده؛


-أريدُ مبدئياً مئة ألف لأقوم بعملية شدٍّ لخدَّاي وجفناي .
نظر لها بدهشة عارمة ، وقبل أن ينطق بكلمة تابَعَت:
-حال خدَّاي وجفنايَ كحال أنفي ، أضع المساحيق الكثيرة لأقوم برفعهم ، والعملية ستريحني من وضع المساحيق .
-لستِ مضطرة أصلاً لرفعهم ، شكلك مقبول حتى بدون مساحيق .
كانت كلمة مقبول كشت*يمة لها ، فانفجرت بوجهه غاضبة:
-لقد أوقَعَكَ لسانك ، فأنا أسعى إلى الجمال ، وليس إلى القبول.

 

 


-أولاً ، اخفضي صوتك ، وثانياً ، إنَّ كل ما تقومين به لأجلي وأنا معجب بكِ كما أنت ، فلا داعٍ للعمليات .
لكنها لم تتوقف عن الصراخ وهي تقول :
-لأجل من ؟! ، عجَّلَ الله أجَلَكْ ، أنا أقوم بكل هذا لأجلي .
لم يجد من نفسه سوى أنه ضرَ*بَها كَفَّاً ، أطا*حَ بها أرضاً ، ثم خرج من المنزل بدون أن يرى أمامه واستقلَّ سيارته وسابق الرياح إلى حيث لا يدري ، ولم يعدْ لوعيه إلا عندما كاد أن يتعرَّضَ لحادث سير ، حينها توقَّفَ وأَتَتْهُ فكرةَ أن يدفع للطبيب نقوداً أكثر كي يجعل عملية زوجته أفْشَلَ عملية، ويصيبها بتشوّه يجعلها لا تستطيع أن تخفيه حتى بمساحيق التجميل ، لكن سرعان ما انتزع الفكرة من رأسه ، 

 

وفكَّرَ بأن يخو*نها مع الخادمة أمام عينيها ، نظير أن يعطيها النقود كي تقوم بالعملية ، لكن سرعان ما انتزَعَ الفكرة من رأسه أيضاً ، كونها أفكار شي*طانية لا تُشبِهُه ، ودُهِشَ كيف استطاع أن يضر*بها ، فتساقطت دموعه لأول مرة في حياته ، عندما تذكَّرَ دعاءها عليه ، واعترافها بأنَّ كلَّ ما تقوم به لأجلها وليسَ لأجله ، فشعر أنَّ كل حياته معها كانت كذبة ، وبلحظة تَبخَّرَ كل حبه لها ، لكنه استمرَّ على فكرة الانتقام منها لكن على طريقته الخاصة .
…..يتبع

الجزء الأخير:  كلُّ شيء زاد عن حده، انقلب ضده 


عندما عادَ إلى المنزل مساءاً ، توقَّعَ أن يرى ورقة كُتِبَ عليها: أرسل ورقة طلاقي لمنزل أهلي  ،  ، لكنه فوجِئَ عندما رآها جالسة تنتظره أمام مائدة بها ما لذَّ وطاب ، وبأناقة كأنَّهم على وشك استقبال الضيوف ، لكنه لم يقل كلمة لها ، بل أسرع ليأخذ وسادة ولحاف ، واتجه إلى الكنبة مُتَلَهِفاً للنوم بعد يوم كئيب ، وما إن استلقى على الكنبة حتى أقبلَت نحوه وهي تقول:
-آسفة ، أعتذر منك كثيراً ، وأرجو أن تُسامحني ، أنا لا أقوَ على خصامك .
اتَّسَعَت حدقتا عينيه من الدهشة ، وقبل أن تنفرج أساريره من السعادة قالت له:

 

 


-كونكَ لم تُعارض عملية تجميل أنفي ، فلا أستطيع الزعل منك ، وإن أردْتَ أن أسامحك على صف*عي ، أريد نقوداً لكي أقوم بعملية شدٍّ لخدَّاي وجفناي.
شعرَ بتلك الكلمات كأنها ردَّت له الصف*عة ، وبدون أن ينظر إليها قال :
-لكِ ما أردتِ ، لكن دعيني أنام اليوم هنا.
قفزت كطفلة وهي تصفق ، ثم أكلت بضع لقيمات وذهبت إلى النوم ، لكنه لم يستطع النوم بتلك الليلة وهو يفكر بخيبته منها، وكيف أنه عاش معها مخدوعاً ، وتذَكَّر مواقف على مر السنوات ، كانت أمام عينيه تخبره أنها لا تحبه أو تكترث لأمره حتى ، لكنه تجاهلها وقدَّم حسن النية 


بنفس الوقت حَمَدَ الله أنها قد كُشِفَتْ على حقيقتها ، فقرَّرَ أن لا ينتزع من رأسه فكرة الانتقام منها .
استيقظ عند الظهر متثاقلاً أن ينهض من الفراش ، لكنه قاوم تعبه ، وبعد أن شَرِبَ فنجان القهوة قال لها :
-احجزي عند طبيب التجميل ، فسوف أذهب معك للاطمئنان عليكِ.
كادت أن تكَ*سر أضلاعه من قوة الحضن ، ثم حددت موعداً مع الطبيب ، ومع أنه يتعارض مع وقت عمله ، لكنه رتَّب أموره وذهب معها .

 


أظهر لها اهتماماً كبيراً وتعاطفاً معها بسبب ألم ما بعد العملية ، واستمرَّت معه بغاية السعادة والسلام بضعة أشهر ، لدرجة أنه كاد أن ينسى انتقامه ، لكنها عندما قالت له:
-أريد أن أقوم بعملية لشفط الدهون ونحت الجسم.
شُلَّ لسانه عن الحركة بضع دقائق ، ثمَّ قال لها:
-لكِ ما أردتِ .
بغضون بضعة أسابيع ، كان قد خَطَبَ فتاة جمالها الطبيعي يُعادل جمال زوجته بعد عمليات التجميل ، وقبل زفافه بيوم قال لزوجته :
- لم يعد ينقصكِ سوى عملية تكبير للفك كون وجهك صغير جداً ،وبنفس الوقت ستقوم هذه العملية بشدِّ وجهكِ، ويبقى نفخ شفَّتَكَ العليا كي تُطابق حجم السفلى ، وبهذا تكوني قد أصبحتِ شبيهة الدمية.
أخَذَت ابتسامتها عرض وجهها ، وقبل أن تنطق بكلمة تابع كلامه قائلاً :

 


-سأعطيكِ كل النقود التي تحتاجينها بشرط أن تحضري زفافي غداً.
فقالت ضاحكة :
-أنا لا أحب المزاح من هذا النوع .
فأخرج هاتفه المحمول ، به كل صور الخطوبة ، وبدون أن تُبدِي أيَّ رد فعل قالت له:
-إن وضعتَ النقود بيدي الآن سآتي .
ضحك بسخرية ثم قال:
-لستُ غبياً لأن لا أعرف كيد النساء ، سأعطيكِ نصف المبلغ الآن ونصفه بعد أسبوع العسل .
-موافقة .
حضرَت الزفاف وكأنَّ العريس لا يقربها أصلاً ، وبعد أسبوع أخذت النقود ، وطلبت منه أن يحضر العملية برفقة ضُرَّتها ، حينها أيقن مع زوجته أنها مريضة نفسياً ، فقالت له كأنها قرأت أفكاره :
-أرى أننا يجب أن نأخذها لطبيب نفسي .
نظر لها بدهشة عارمة:
-هذا ما كنت أفكر به الآن ، بارك الله بكِ ، لعلَّنا نستطيع إخراجها من حالتها النفسية قبل أن تطلب عمليات أكثر .
ما إن تعافَت من العملية واستعادَت نشاطها ، حتى عرض عليها الذهاب إلى الطبيب النفسي ، وهو لا يعلم أنَّ ذلك سيكون سبباً في إنهاء زواجهما.

 


بعد أن تعالى صراخها وقامت بتكسير كل ما وقع تحت يديها ، ذهبت لمنزل أهلها ، وأصرَّت على رفع دعوى طلاق ، فلم يُحاول أن يردعها أو يصالحها ، بل شعرَ كأنَّ حِملاً ثقيلاً قد أُزيحَ عن عاتقه .
ما إن تمَّ الطلاق ، حتى قالت له زوجته :
-أنا حامل .
كانت فرحته لا تُضاهيها فرحة ، فقد يَئِسَ من أن يصبح أباً بعد أن عجز من الذهاب إلى الأطباء ، وجميعهم قالوا نفس الكلام :
-أنت لا تعاني من مشاكل ولا زوجتك ، لكن لم يَشَأ الله بعد أن تُرزَقا بمولود .
حينها فقط أدركَ فضل الله عليه وحكمته .
...انتهت


تعليقات

التنقل السريع