قصة قصيرة : كان يمتلكُ كل شيء إلاّ أن يُصبح أباً ، ومع نَدرَة مَن يُصارحون الناس بذلك
، # قصة قصيرة :
كان يمتلكُ كل شيء إلاّ أن يُصبح أباً ، ومع نَدرَة مَن يُصارحون الناس بذلك ، لكنه كان مُتصالحاً مع الأمر ، لا يرى داعٍ للكذب فقد خَطَبَ فتاةً تلو الأخرى وذَكرَ وضعه الصحي ، إلاّ أنه جوبِهَ بالرفض من جميعهن ، لحينِ أخبرته أخته أن يتقدّم لخطبة ابنة جيرانها ، ولن ترفض الارتباط به ، فأخلاقها العالية ، وصفاتها المثالية ، جعَلَتْ منها فتاة ذات روح وقلب طيب .
كان يمتلكُ كل شيء إلاّ أن يُصبح أباً ، ومع نَدرَة مَن يُصارحون الناس بذلك ، لكنه كان مُتصالحاً مع الأمر ، لا يرى داعٍ للكذب فقد خَطَبَ فتاةً تلو الأخرى وذَكرَ وضعه الصحي ، إلاّ أنه جوبِهَ بالرفض من جميعهن ، لحينِ أخبرته أخته أن يتقدّم لخطبة ابنة جيرانها ، ولن ترفض الارتباط به ، فأخلاقها العالية ، وصفاتها المثالية ، جعَلَتْ منها فتاة ذات روح وقلب طيب .
تصوًرها تلك الفتاة الملائكية التي ستحيا معه عمراً بدون مُنَغّصات ، ولن تُعيّره بذلك النقص ، فكان تصورّه صائباً ، فقد عاشت معه بضعة أشهر ، لم تفتح فمها بكلمة ، لحين قرّرت أن تعود لتكملة دراستها ، فوضعه المادي كان يسمح له بدفع مصاريفها، لكنه رفض طلبها قائلاً:
-لم نتفق على موضوع الدراسة ، فلم تخبريني قط بذلك.
فردَّت محتدّة :
-وإن يكن، فالموضوع لم يكن ببالي من قبل ، لكنه موجود الآن .
-أنا أريد زوجةً لا يُشغلها شيء عني وعن بيتي .
-إذاً أعطني ولداً أنشغل به .
كانت تلك الجملة كصاعقة ضربَتْ رأسه ، لكنه صمت لبرهة وتنفَّس الصعداء ثم قال:
-لكِ ما تريدين.
نجحَتْ بالشهادة الثانوية ، لكنْ لم تستطع تحقيقَ حلمها بالدخول لكلية الصيدلة ، فطلبَت منه أن يُدخلها جامعة خاصة، لم يُعارض الأمر ، فقد اعتقد أنها حماسةٌ منها للحصول على الشهادة ، وحالما تأخذ اسم الصيدلانية ، ستجلس في المنزل.
كانت سنوات الدراسة عليها من أجمل سنين حياتها ، فقد تحقَّق حلمها بعد أن أصبح مستحيلاً بسبب وضع عائلتها المادي ، أمّا هو فقد مضَت تلك السنوات عليه بمرار العلقم ، فقد كان تعييرها له بعدم الإنجاب صادماً ، مما جعله يشعر بالنفور الدائم منها .
تخرَّجَت من الجامعة ، وفي الاحتفال الذي حضّرته ودعت إليه الأهل والأصدقاء بدون علمه ؛ قالت له أمام كل الحضور:
-هذا احتفال نجاحي ، وبعد فترة سأقيم احتفال افتتاح صيدَليّتي، أليسَ كذلك حبيبي ؟
كانت تلك الجملة وكأنها صفعة على وجهه أمام الناس ، فابتسم لها بإكراه ، وأومأ رأسه بالموافقة ، وما إن ذهب الضيوف حتى تطايرت الصحون والكاسات كالقذائف الزجاجية ، وارتفع صراخه وهو يقول:
-أتَضَعيني تحت الأمر، ما هذا الاستفزاز الذي تقومين به ، تريدين العمل وأنا لست موافق
ردَّت بكل برود :
-أعطني ولداً كي يُشغلني ولا أعمل .
ازداد غليان دمه من الغضب ،ومن شعور القهر الذي انتَابَه ؛ نظرَ لها وهو مقطّب الجبين، بعينان اغرَورَقَتا بالدموع :
-هل لديكِ طلبات أخرى ؟!
-لا .
على الرّغم من تحريض أخته له على تطليقها منذ قرارها بالدراسة ، لكنه رفض ذلك ، فكيفَ سيغدر بالامرأة الوحيدة التي تغاضَت عن نقصه ، وقَبِلَت بالزواج به .
بعد مدة ، تمَّ تجهيز الصيدليَّة وأقامَت حفل افتتاح لها ، ومضَتْ سنتين كانتا أجمل من سنوات دراستها ، لكنها لم تكن تعلم ماذا كان يُخبئ القدَر لها .
…يُتَّبَع
لجزء الثاني
من القصة التي تبدأ ب: كان يملك كل شيء إلا أن يُصبح أباً.
منذُ أوَّلِ يومٍ لها في العمل ، فكَّرَتْ بطريقةٍ تستطيع بها أن تجني أكبر قَدَر من النقود ، وبالوقت ذاته لا تتقاعس عن واجباتها المنزلية كي لا تفتح مجالاً لزوجها أن يُكّلمها عن ترك العمل ، إلى أنْ تُجاريه مادياً ، فتفتعلْ مشكلة تأخذ على إثرِها الطلاق ، كي تتزوّج رجلاً يمتلك القدرة على الإنجاب، ولا تقلّ إمكانياته المادية عنه ، كَوْنَ حياتها أصبحت كاملة بعد معاناة طويلة ولا ينقصها سوى الإنجاب .
لم ترى أمامها طريقةً بحكم عملها ، سوى أن تبيع الأدوية المخدّرة بسعر خيالي لأي شخص يطلبها ، ومع أنّ زوجها كان على علم بكل ما تفعل ، لكنه لم يفتح فمه بكلمة ، فقد رآها ذات مرة عن طريق كاميرات المراقبة التي وَضَعَها من
باب الأمن .
لَمْ يعلم لِمَ كان يشعر بإحساسٍ يرْدَعُهُ دوماً عن الحديث معها وتوعِيَتِها ، أهو بسبب جرحها السابق له ؟ أم أنَّ الحقد تملّكه ويرغب أن يجعلها تغوص في بحر الخطأ لأنْ تغرق وتحتاج إنقاذه لها ، فيستطيعَ بذلك استفزازها والتّحكُّمَ بها ؟
بعد مضي سنتين تعرَّضت لحادث سير ، تمّ نقلها إلى المشفى، وعند الاتصال به أسرع إليها ، فقال له الطبيب:
-استَطَعنا إنقاذها ، لكن للأسف لم نستطع إنقاذ الجنين.
سقطَ أرضاً وكأنّه أُصيب بالشلل المُفاجئ، حاول الطبيب تهدئته قائلاً:
-لا عليك ، فأنتما بسنّ الإنجاب ، ستنجبون غيره .
نظرَ له وآثار الصدمة على وجهه ثم قال:
-أرجوك لا تُخبر زوجتي ، فهي حساسة وأخشى أن تنهار ،
لَمْ يعلم لِمَ كان يشعر بإحساسٍ يرْدَعُهُ دوماً عن الحديث معها وتوعِيَتِها ، أهو بسبب جرحها السابق له ؟ أم أنَّ الحقد تملّكه ويرغب أن يجعلها تغوص في بحر الخطأ لأنْ تغرق وتحتاج إنقاذه لها ، فيستطيعَ بذلك استفزازها والتّحكُّمَ بها ؟
بعد مضي سنتين تعرَّضت لحادث سير ، تمّ نقلها إلى المشفى، وعند الاتصال به أسرع إليها ، فقال له الطبيب:
-استَطَعنا إنقاذها ، لكن للأسف لم نستطع إنقاذ الجنين.
سقطَ أرضاً وكأنّه أُصيب بالشلل المُفاجئ، حاول الطبيب تهدئته قائلاً:
-لا عليك ، فأنتما بسنّ الإنجاب ، ستنجبون غيره .
نظرَ له وآثار الصدمة على وجهه ثم قال:
-أرجوك لا تُخبر زوجتي ، فهي حساسة وأخشى أن تنهار ،
فأنا سأخبرها تدريجياً.
احترم الطبيب رغبته وأمرَ كل الممرضات ألاّ يُخبرْنَها . نقلها إلى المنزل وكأنَّ شيئاً لم يكن ، اعتنى بها وبنفس النفور الذي اعتادَت عليه ، وباتَت لا تشعر به ، إلى أن عادت لعملها، ولم تمضي بضعة أيام حتى أخبر الأمن عنها ، بمساعدة شخص يعرفه وهو أحد زبائنها ، وبعد أن تم التأكد من صحة الإبلاغ تمَّ القبض عليها وزجّها بالسجن ، وسُحِبَتْ رخصتها منها ، ثم طلَّقها ، وبذلك شعر بالانتصار وأنه استعاد حقه وشفى جرحه السابق ، بدون أن يُلَوّثَ سمعته ولا يديه بها ، ثم تزوّج على الفور ، فأمام الناس كان حبسها و طلاقه لها نتيجة ما اقترفَت يداها ، فهو لم يكن على علم بشيء .
لم يُخبر زوجته الثانية بعدم قدرته على الإنجاب ، ولم يمضي شهران حتى حَّلقت زوجته إليه فرحاً وهي تقول :
احترم الطبيب رغبته وأمرَ كل الممرضات ألاّ يُخبرْنَها . نقلها إلى المنزل وكأنَّ شيئاً لم يكن ، اعتنى بها وبنفس النفور الذي اعتادَت عليه ، وباتَت لا تشعر به ، إلى أن عادت لعملها، ولم تمضي بضعة أيام حتى أخبر الأمن عنها ، بمساعدة شخص يعرفه وهو أحد زبائنها ، وبعد أن تم التأكد من صحة الإبلاغ تمَّ القبض عليها وزجّها بالسجن ، وسُحِبَتْ رخصتها منها ، ثم طلَّقها ، وبذلك شعر بالانتصار وأنه استعاد حقه وشفى جرحه السابق ، بدون أن يُلَوّثَ سمعته ولا يديه بها ، ثم تزوّج على الفور ، فأمام الناس كان حبسها و طلاقه لها نتيجة ما اقترفَت يداها ، فهو لم يكن على علم بشيء .
لم يُخبر زوجته الثانية بعدم قدرته على الإنجاب ، ولم يمضي شهران حتى حَّلقت زوجته إليه فرحاً وهي تقول :
-أنا حامل .
انهال بالضرب المُبرح عليها ، إلى أن أجْهَضَتْ ، ثم أخبر أهلها والشرطة بأنها قد خانَته وتستحق السجن عوضاً عنه، لكنه اُجبِرَ على عمل تحاليل جديدة كي يُثبِتَ أنه عقيم ، وعند صدور النتائج تبيّن أنّ باستطاعته الإنجاب ، فكاد أن يُصاب بالجنون بعد أن أصابَ زوجته الثانية بالعقم ، وتَخلّص من الأولى وهي ليست خائنة ، فأصبح يُحادثُ نفسه ليلاً ونهار بكل يوم يمضي عليه في السجن :
-ياترى هل التحاليل الأولى خاطئة ؟ أم أن معجزة قد حصلَت؟ أم أنَّ خرافات العلاج الطبيعي الذي كانت تعطيني إياه أختي قد تحقَّقَت... انتهت القصة
انهال بالضرب المُبرح عليها ، إلى أن أجْهَضَتْ ، ثم أخبر أهلها والشرطة بأنها قد خانَته وتستحق السجن عوضاً عنه، لكنه اُجبِرَ على عمل تحاليل جديدة كي يُثبِتَ أنه عقيم ، وعند صدور النتائج تبيّن أنّ باستطاعته الإنجاب ، فكاد أن يُصاب بالجنون بعد أن أصابَ زوجته الثانية بالعقم ، وتَخلّص من الأولى وهي ليست خائنة ، فأصبح يُحادثُ نفسه ليلاً ونهار بكل يوم يمضي عليه في السجن :
-ياترى هل التحاليل الأولى خاطئة ؟ أم أن معجزة قد حصلَت؟ أم أنَّ خرافات العلاج الطبيعي الذي كانت تعطيني إياه أختي قد تحقَّقَت... انتهت القصة
تعليقات
إرسال تعليق